تأثير النمو الجسمي على الشخصية
تأثير النمو الجسمي على الشخصية
تأثير النمو الجسمي على الشخصية
الموضوع مستل من کتابي((دراسات اسلامية في علم نفس النمو))
حذفت منه بعض السطور
على الرغم من ان الخصائص الجسمية خصائص قائمة بذاتها إلا أنّ لها تأثيراً واضحاً في الخصائص والمقومات للشخصية الانسانية، وان للنمو الجسمي تأثيراً واضحاً في بقية مظاهر النمو.
وهذا التأثير لا يقوم على العلاقة المباشرة أو بمعنى آخر لا يكون علة تامة لإيجاد تغير في مظاهر النمو الأخرى، وإنما يؤثر بتوسط العوامل البيئية والاجتماعية، حيث يقوم النمو الجسمي بدور العامل المساعد أو يخلق الأجواء المناسبة والمهيأة لأنماط النمو الأخرى.
ومن الأمثلة على هذه الحقيقة هو الترابط بين حسن الوجه وحسن السيرة، وهذا هو المستفاد من أقوال رسول الله (ص):
«ابتغوا الخير عند حسان الوجوه».
«التمسوا المعروف عند حسان الوجوه».
«اطلبوا الحوائج الى حسان الوجوه»([1]).
فالشخص الذي يتمتع بوجه حسن يشعر منذ طفولته بأنّه من المرغوب فيهم، ويجد من خلال ملاحظته للواقع الاجتماعي انه معترف به اجتماعياً، وانّ الأضواء مسلطة عليه، بل يشعر بالمحبوبية، وهذا الشعور يجعله مطمئناً متفائلاً، ينظر الى الناس نظرة ودّ ومحبّة كما ينظرون إليه، وتتعمق الثقة بنفسه وبالمجتمع الذي يعيش به، وهذه الظروف تجعله متكيفاً تكيفاً حسناً مع أسرته ومجتمعه، وفي هذه الحالة لا يتوقع منه إلا الخير والمعروف وحسن السيرة الاجتماعية.
وقد أثبتت الدراسات والتجارب الحديثة صحة هذه الآراء، فالنموالجسمي ونمط الجسم يؤثر في مقومات الشخصية وفي مظاهرالنمو الأخرى، فالشخص القوي البنية والمفتول العضلات يميل الى السيطرة وتولي المراكز القيادية، حيث ان هذه الخاصية الجسمية لها تأثير على تعامل الآخرين معه وخصوصاً في مرحلة الطفولة، فالأطفال نتيجة لقوته يخافون منه ولا يستطيعون منافسته ويجتنبون مواجهته، وبذلك يكتسب الثقة العالية بنفسه، ويشعر بفتوته وقدرته على الزعامة، وعلى العكس من ذلك فالشخص النحيف يميل الى الخوف والابتعاد عن المنافسة فينسحب من العلاقات الاجتماعية، وتنمو معه هذه الأنماط السلوكية فيصبح ميالاً للوحدة والتأمل.
فالنمط الجسمي قد يؤدي بالشخص الى دور اجتماعي متوقع منه يتأكد بالخبرة والاحتكاك، وهذه التوقعات الاجتماعية بدورها تؤثر في سلوك الفرد وتشكّل من النماذج السلوكية التوافقية أي تحدد بالتالي شخصيته([2]).
ودرس Lindergard وNyman مجموعة من 320 رجلاً، فوجد أن عامل العضلية مرتبط بوهم العظمة والثقة بالنفس مقابل التطرف والفضول، وكلما قويت عضلاته كلما زاد اتسامه بوهم العظمة وزادت ثقته بنفسه، وكلّما قلت عضلاته كان هادئاً انفعالياً ومحنكاً([3]).
وفي دراسة على الأطفال وجد Burt ارتباطات بين السمنة في بنية الجسم والانفعالات المبهجة، وبين النحولة في الجسم ومنحى الكبت والكآبة، وفي دراسات قام بها Rees وEgsenk في ثلاث دراسات على الراشدين وكلا الجنسين وجدا أنّ النحاف لهم نزعة أكبر الى الانطواء الذاتي ... ولهم نزعة أعلى الى المظاهر الجسمية للتوتر الانفعالي والاختلال والوظيفي اللاإرادي، بينما ذوو الأشكال الواسعة لهم نزعة كبيرة الى الانبساط ونزعة أعظم الى العلامات الهستيرية.
وقد حصل Sanford ومشاركوه على النتائج نفسها، فقد وجدوا ان الطويل القامة النحيف يكون مرتبطاً بالاختلال الوظيفي اللاإرادي، ودلائل مظهر الهبوط العقلي، والشكل العريض الثقيل يرتبط سلبياً بالاختلال الوظيفي اللاإرادي مع مشاعر الاطمئنان وتعبير ذاتي مفعم بالحيوية([4]).
وفي دراسة قام بها EppsوParnell على 177 امرأة سجينة - في سجن الأحداث- قورنت بـ123 فتاة جامعية من نفس العمر، فقد وجد ان المنحرفات كن أثقل في بنية الجسم وأكثر عضلات وأكثر شحماً([5]).
ونكرر القول: ان مواصفات الجسم ليست علة تامة للتغير فيالشخصية أو التأثير في بقية مظاهر النمو، وإنما يمكن اعتبارها علة ناقصة أو عاملا مساعداً مهيئا للاتصاف بهذه الصفة النفسية والسلوكية أو تلك.
وعلى ضوء ذلك ينبغي اخذ هذه الآراء بنظر الاعتبار عندما يراد تربية الأطفال أو التعامل معهم أو مشاركتهم في وضع الحلول اللازمة لمشاكلهم التربوية والاجتماعية، وان تنمى اهتمامات الأطفال بالتعرف على نواحي القوة والضعف، مع الاهتمام من قبل الوالدين والمربين بالبرامج التي تساعد على تحسين النمو الجسمي.
([1]) المصنف 9: 10.
([2]) علم النفس وتطبيقاته الاجتماعية والتربوية: 273.
([3]) المدخل في علم النفس: 288.
([4]) المدخل في علم النفس: 285.
(([5] المدخل في علم النفس: 297.
الموضوع مستل من کتابي((دراسات اسلامية في علم نفس النمو))
حذفت منه بعض السطور
على الرغم من ان الخصائص الجسمية خصائص قائمة بذاتها إلا أنّ لها تأثيراً واضحاً في الخصائص والمقومات للشخصية الانسانية، وان للنمو الجسمي تأثيراً واضحاً في بقية مظاهر النمو.
وهذا التأثير لا يقوم على العلاقة المباشرة أو بمعنى آخر لا يكون علة تامة لإيجاد تغير في مظاهر النمو الأخرى، وإنما يؤثر بتوسط العوامل البيئية والاجتماعية، حيث يقوم النمو الجسمي بدور العامل المساعد أو يخلق الأجواء المناسبة والمهيأة لأنماط النمو الأخرى.
ومن الأمثلة على هذه الحقيقة هو الترابط بين حسن الوجه وحسن السيرة، وهذا هو المستفاد من أقوال رسول الله (ص):
«ابتغوا الخير عند حسان الوجوه».
«التمسوا المعروف عند حسان الوجوه».
«اطلبوا الحوائج الى حسان الوجوه»([1]).
فالشخص الذي يتمتع بوجه حسن يشعر منذ طفولته بأنّه من المرغوب فيهم، ويجد من خلال ملاحظته للواقع الاجتماعي انه معترف به اجتماعياً، وانّ الأضواء مسلطة عليه، بل يشعر بالمحبوبية، وهذا الشعور يجعله مطمئناً متفائلاً، ينظر الى الناس نظرة ودّ ومحبّة كما ينظرون إليه، وتتعمق الثقة بنفسه وبالمجتمع الذي يعيش به، وهذه الظروف تجعله متكيفاً تكيفاً حسناً مع أسرته ومجتمعه، وفي هذه الحالة لا يتوقع منه إلا الخير والمعروف وحسن السيرة الاجتماعية.
وقد أثبتت الدراسات والتجارب الحديثة صحة هذه الآراء، فالنموالجسمي ونمط الجسم يؤثر في مقومات الشخصية وفي مظاهرالنمو الأخرى، فالشخص القوي البنية والمفتول العضلات يميل الى السيطرة وتولي المراكز القيادية، حيث ان هذه الخاصية الجسمية لها تأثير على تعامل الآخرين معه وخصوصاً في مرحلة الطفولة، فالأطفال نتيجة لقوته يخافون منه ولا يستطيعون منافسته ويجتنبون مواجهته، وبذلك يكتسب الثقة العالية بنفسه، ويشعر بفتوته وقدرته على الزعامة، وعلى العكس من ذلك فالشخص النحيف يميل الى الخوف والابتعاد عن المنافسة فينسحب من العلاقات الاجتماعية، وتنمو معه هذه الأنماط السلوكية فيصبح ميالاً للوحدة والتأمل.
فالنمط الجسمي قد يؤدي بالشخص الى دور اجتماعي متوقع منه يتأكد بالخبرة والاحتكاك، وهذه التوقعات الاجتماعية بدورها تؤثر في سلوك الفرد وتشكّل من النماذج السلوكية التوافقية أي تحدد بالتالي شخصيته([2]).
ودرس Lindergard وNyman مجموعة من 320 رجلاً، فوجد أن عامل العضلية مرتبط بوهم العظمة والثقة بالنفس مقابل التطرف والفضول، وكلما قويت عضلاته كلما زاد اتسامه بوهم العظمة وزادت ثقته بنفسه، وكلّما قلت عضلاته كان هادئاً انفعالياً ومحنكاً([3]).
وفي دراسة على الأطفال وجد Burt ارتباطات بين السمنة في بنية الجسم والانفعالات المبهجة، وبين النحولة في الجسم ومنحى الكبت والكآبة، وفي دراسات قام بها Rees وEgsenk في ثلاث دراسات على الراشدين وكلا الجنسين وجدا أنّ النحاف لهم نزعة أكبر الى الانطواء الذاتي ... ولهم نزعة أعلى الى المظاهر الجسمية للتوتر الانفعالي والاختلال والوظيفي اللاإرادي، بينما ذوو الأشكال الواسعة لهم نزعة كبيرة الى الانبساط ونزعة أعظم الى العلامات الهستيرية.
وقد حصل Sanford ومشاركوه على النتائج نفسها، فقد وجدوا ان الطويل القامة النحيف يكون مرتبطاً بالاختلال الوظيفي اللاإرادي، ودلائل مظهر الهبوط العقلي، والشكل العريض الثقيل يرتبط سلبياً بالاختلال الوظيفي اللاإرادي مع مشاعر الاطمئنان وتعبير ذاتي مفعم بالحيوية([4]).
وفي دراسة قام بها EppsوParnell على 177 امرأة سجينة - في سجن الأحداث- قورنت بـ123 فتاة جامعية من نفس العمر، فقد وجد ان المنحرفات كن أثقل في بنية الجسم وأكثر عضلات وأكثر شحماً([5]).
ونكرر القول: ان مواصفات الجسم ليست علة تامة للتغير فيالشخصية أو التأثير في بقية مظاهر النمو، وإنما يمكن اعتبارها علة ناقصة أو عاملا مساعداً مهيئا للاتصاف بهذه الصفة النفسية والسلوكية أو تلك.
وعلى ضوء ذلك ينبغي اخذ هذه الآراء بنظر الاعتبار عندما يراد تربية الأطفال أو التعامل معهم أو مشاركتهم في وضع الحلول اللازمة لمشاكلهم التربوية والاجتماعية، وان تنمى اهتمامات الأطفال بالتعرف على نواحي القوة والضعف، مع الاهتمام من قبل الوالدين والمربين بالبرامج التي تساعد على تحسين النمو الجسمي.
([1]) المصنف 9: 10.
([2]) علم النفس وتطبيقاته الاجتماعية والتربوية: 273.
([3]) المدخل في علم النفس: 288.
([4]) المدخل في علم النفس: 285.
(([5] المدخل في علم النفس: 297.
Post Comment
ليست هناك تعليقات